للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإنه لَيأتيك من الشيء الواحد بأشباهِ عِدة، ويشتقّ من الأصل الواحد أغصاناً في كل غصن ثَمَرٌ على حِدَة، نحو أن الزَّند بإيرائه يُعطيك شَبَه الجواد، والذكيِّ الفَطِنِ، وشَبَه النُجح في الأمور والظفر بالمراد وبإصلادِه شَبَه البخيل لا يعطيك شيئاً، والبليد الذي لا يكون له خاطر يُنتج فائدةً ويُخرج معنًى وشَبَه من يخيب سَعْيُه، ونحو ذلك ويعطيك من القمر الشهرة في الرجل والنباهة والعِزَّ والرفعة، ويعطيك الكمال عن النقصان، والنقصان بعد الكمال، كقولهم هلا نَمَا فعاد بدراً، يراد بلوغ النَجْل الكريم المبلغَ الذي يُشبِه أصلَه من الفضل والعقل وسائر معاني الشرفِ، كما قال أبو تمام:

لَهَفِي على تلك الشواهد مِنْهُما ... لو أُمْهلَتْ حتى تَصِيرَ شمائلاَ

لَغدا سكونهما حجًى وصِباهما ... كَرَماً وتلك الأريحيّة نائلاَ

إنّ الهلالَ إذا رأيتَ نُمُوَّهُ ... أَيقنتَ أن سيصيرُ بدراً كاملاَ

وعلى هذا المثل بعينه، يُضرَب مثلاً في ارتفاع الرجل في الشرف والعزّ من طبقة إلى أعلى منها، كما قال البحتري:

شَرَفٌ تزيَّدَ بالعراق إلى الذي ... عهِدُوه بالبَيْضاء أو بِبَلَنْجَرَا

مِثْلَ الهلال بدَا فلم يَبْرَحْ به ... صَوْغُ اللَّيالي فيه حتى أقمَرا

<<  <   >  >>