كَعَطْفة الجيم ولم يقل كالجيم، ثم دَقَّق بأن جعلها بكف أعسر، لأن جيمَ الأعسر قالوا أشبهُ بالمنقار من جيم الأيمن، ثم إنه أراد أن يؤكّد أنّ الشبهَ مقصورٌٌ على الخط الأعلى من شكل الجيم فقال:
يقولُ مَنْ فِيها بعَقْلٍ فكَّرا ... ولو زَادها عَيناً إلى فاءٍ وَرَا
فَاتَّصَلتْ بالجيم صَارت جَعْفَرَا، فأراك عياناً أنه عَمَد في التشبيه إلى الخط الأول من الجيم دون تعريقها، ودون الخط الأسفل، أما أمر التعريق وإخراجُه من التشبيه فواضحٌ، لأن الوصل يسقط التعريق أصلاً، وأما الخط الثاني فهو،، وإن كان لا بد منه مع الوصل، فإنه إذْ قال لو زادها عيناً إلى فَاءَ ورَا ثم قال فاتصلت بالجيم، فقد بيَّن أن هذا الخط الثاني خارجٌ أيضاً من قصده في التشبيه، من حيث كانت زيادةُ هذه الحروف ووصلُها هي السببَ في حدوثه، وينبغي أن يكون قوله بالجيم، يعني بالعطفة المذكورة من الجيم، ولأجل هذه الدقة قال يقول مَنْ فيها بعقل فكَّرَا، فمهّد لما أراد أن يقول، ونبّه على أنّ بالمشبِّه حاجةً إلى فضل فكرٍ، وأن يكون فكره فكرَ من يراجع عَقْله ويستعينه على تمام البيان، وجملة القول أنك متى زدت في التشبيه على مراعاة وصف واحد أو جهة واحدة، فقد خلت في التفصيل والتركيب، وفتحت باب التفاضُل، ثم تختلف المنازل في الفضل، بحسب الصُّورة في استنفادِكَ قوَّة الاستقصاء، أو رِضاك بالعَفْو دون الجَهْدِ.