للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعكس هذا ما قيل:

إذا كان للإنسان في دولة امرءٍ ... نصيب وإحسان تمنى دوامها

فما سمع بأحد خرج على الأسد ولو كان أقل العمال فضلاً عن ملك الأفيال بل فيل الأفيال العادل في رعيته البار بأهل ولايته ومملكته المشفق الحكيم الرؤوف الرحيم فبالضرورة يبادر إلى الملاقاه ويغتنم عودته للملك وبعدها غاية مرتجاه فيدل على عورات العدو ويصف عثراته ويرشد إلى طريق نكاياته ونكباته وأيضا في ذلك الإقليم من هو منتشب بأمر جسيم من مال وأولاد وعقار وبلاد وسوائم ومواش وأثقال وحواش ولا يمكنه التحول عن طريقنا ولا التحول لوعودنا فيدع بالطاعة ويتشبث بذيل سنتنا مع الجماعة فنستمد بآرائه ونستفيد فيما نحن بصدده بدوائه. فقال الملك المقبل ما الجواب عن هذا الخطاب؟ قال المقبل: نعم هذا المقال وإن كان لا يخلو عن الاحتمال وإن وقوعه غير محال لكن الأقرب إلى الذهن أن هذا لا يقع فإنه أمر مبتدع فإن طبائعنا مباينة لطباعهم وأوضاعنا غير أوضاعهم وناهيك بقوم نارية طباعهم الحرارة فيما بينهم يمزق بعضهم بعضاً ويتحاورون فيما بينهم عداوة وبغضاً حتى إذا دخل بينهم ذئب أو حيوان غريب عنهم توجهوا كلهم إليه واتفقوا بأجمعهم عليه فمزقوه أديمه وهتكوا حريمه وجعلوا الحمد لجماعتهم وليمه وعند الأسد من الوحوش أنواع جسيمة ما بين أفهاد وضباع ونمور وسباع وثعالب وأرانب وذئاب وذوات مخالب وكل من هؤلاء له على خصمه درية في مشاورته ووثبة في مصادمته وأنواع في الكر والفر وزوغان في الخير والشر وليس في عساكرنا سوى الصدمات والحطم بقوة النهضات والعزيمات وإن أقرب شيء إلى الرأي عدم الإفادة والراحة أولى من الإبادة وأن لا يفيد شيء من هذا الاضطرام سوى التولي والانهزام.

<<  <   >  >>