عنها غافلون ولم يصل فهمنا إليها كما فعل صاحب الجمل مع الجمل، فقالوا: هات يا أخا الزمان أخبرنا بتلك الحكاية كيف كانت؟
قال: ذكروا أن جمالاً كان له جمل يتعيش عليه ويكتسب لعياله بسببه فكان ينقل عليه ملحاً ويبيعه وكان يحمله فوق طاقته ولا يرثى له فهزل الجمل حتى كادت تسقط قواه وكان له أرنب صديق في بعض الأماكن فأرسله صاحبه يوماً يرعى فقصد وكر الأرنب وسلم عليه فلما رأته سألته عن حاله وسبب ضعفه فاخبرها بما يفعل معه صاحبه من تحميله الحمل الثقيل من الملح وقلة تعاهده بالعلف وأنه عجز عن تدبير أمره وسدت عليه طرق الحيل فتفكرت الأرنب طويلاً ثم قالت: رأيت لك وجهاً للخلاص وهو أنك إذا خضت بما حملك ماءً فابرك به فيه وامكث مقدار ساعة ولو ضربوك فإن الملح يذوب ويخف حملك وافعل هذا مراراً فإنك تخلص من حمل الملح وتستريح، قال: ففعل ذلك مراراً عديدة حسبما أشارت به عليه صديقته الأرنب فصار صاحبه المسكين يتضرر ولا يفيده ذلك شيئاً فعلم الجمال أن ذلك الفعل مكر وخديعة وحيلة تعلمها الجمل فقال: والله لأمكرن به مكراً يترك مكره بسببه ويرجع لعادته الأولى فعمد الجمال إلى أشياء أخرى وصار يحمله منها ويمشي به في طرق خالية من المياه حتى حمله في بعض الأيام صوفاً ومر به على طرق الماء فانتهز الجمل الفرصة ولم يعلم ما دبره صاحبه من المكر والخديعة فبرك في الماء فتشرب الصوف منه فصار أثقل مما كان بأضعاف مضاعفة فما أفاده ذلك الفكر الوبيل إلا زيادة التعب والنصب.
وإنما أوردت هذا المثال ليعلم الملك والحاضرون أن العدو يصنع