جاءك عسكر القضاء وبنوده وليحطمنكم سليمان الأفيال وجنوده فليرقن منكم الدما وليستأسرن منكم الحرائر كالإما وليدوسن الأطفال وليرينكم الأنكاد والأنكال وليشعلن بنار الدمار والبوار مالك من مساكن وديار وأنت بين أمرين خيرين فتخير تكون من أي الفريقين إما أن تطيع لأمرنا وتنقاد وتسلم إلينا ما بيدك من بلاد وإما أن تنحاز في طرائق الفراق وتنجو منا منجاء الذئاب وتتنحى عن طريقنا بما معك من كلاب وذئاب وقد بالغنا في النصيحة بعباراتنا الفصيحة وأقوالنا البليغة الصحيحة وكلماتنا الموزونة الرجيحة فوصل ذلك الفيل الرسول وأدى إلى الأسد هذا المقول فتشوش خاطر الأسد وداخله الهم والغيظ والكمد والنكد، فأراد إيقاع الهلاك بالرسول الظلوم الجهول إلا أنه لنفسه تمالك وعن ذلك الغيظ قد تماسك أن لا يقدحوا زند الغضب على الرسل ولا يضيقوا عليهم الطريق والسب، ثم قال له والله لولا أنت رسول من عند الظلوم الجهول والرسول لا يقاتل ولا يهان ولا يضرب ولا يعاقب بتوبيخ ولا حرمان لقتلتك على هذا الكلام القبيح بما يجب لك من الجزاء الرجيح ثم نظر إلى الثعلب متلفتاً إليه لأنه في مهماته عوال عليه وقال يا أبا الحصين ما تقول في هذين النحسين قال الثعلب: الأغلب ذو الرأي المصيب الأصيب لا يغرنك هذا الثقيل فإنه على عقل الفيل أقوى دليل وإن فكره وبيل وقلبه عليل وبصيرته قد عميت وطرق هدايته قد خفيت وأنه قد غوى وأضل قومه وما هدى وكل من اعتمد على قواه وحوله واستجلى غرور عقله وقوله فقد ضل وذل وفي عقد البلاء حل، وهذا الجاهل السخيف الكثيف الثقيل الجثة الحصيف قد استحقرنا في عينه فسيرى منا بحول الله وقوته حلول حينه وكل من استخف بعدوه فسيعدم