كان في مكان رئيس ضيق الغطن خسيس وكانت له زوجة ذات أمانة وتعفف وصيانة وتقوى وديانة ولهم دجاجة تبيض كل يوم بيضة وفي البيت فأرة تراقب الدجاجة كل يوم فكلما باضت بيضة لقطتها وسارعت إليها وسرقتها فيطالب الرجل زوجته بالبيضة فتحلف له أنها ما رها ولا تعرف كيف ذهبت فينكر عليها ويؤلمها تارة بالكلام والسب وتارة بالملام والضرب. ففي بعض الأيام رأت المرأة الفأرة وهي تجر البيضة إلى وكرها فدعت الرجل وأرته ذلك، فلما تيقن الرجل براءة المرأة اعتذر إليها وتعطف بخاطرها وأحسن إليها وعمل مكيدة ونصب مصيدة للفأرة فنظرت الفأرة إلى المصيدة فعلمت أنها شرك ومكيدة فتحرزت منها ولم تتقدم عليها فاتفق أن ضيفاً من معارف الفأرة قدم عليها فأرادت أن تضيفه بشيءٍ ولم يكن عندها سوى هذه البيضة التي دونها ريب المنون فاعتذرت إلى الضيف بما وقع وأرته المصيدة فقال أنا أقدر أن أتخطاها وأجيء بالبيضة فحذرته ومنعته عن مجيئها فأبى إلا المجيء بها فخلت بينه وبينها فتقدم فوقع في المصيدة فهلك فتنكدت الفأرة لموت ضيفها وعلمت أن ذلك عيبه عليها وعاره مستحق لها بين أقاربها وجيرانها وقالت: لا رأس لي ترفع إليهم ولا عين تنظر وجوههم حتى أخذ بالثأر من رب تلك الدار. وكان لها صاحبة قديمة وهي عقرب خبيثة لئيمة قد أودت السموم في ذباب أبرها وسقت سم المنايا إبرة شوكتها فقصدتها وترامت عليها ونزلت بساحتها وجلست لديها وقالت: إنما تدخر الأصحاب لأيام الشدائد ولدفع الضرر والمكائد وحلول البلاء وأخذ الثأر والانتقام من المعتدين اللئام وقصت القضية عليها وأنهت أمرها إليها وطلبت منها إذ لاحت هذه القصة أن تدرك بضرباتها القصاص ويحصل لها من بين أقرانها الخلاص، فأجابتها إلى ما سألت وأقبلت إلى وكر