حصره. وبينما هو في تلك البلية وقعت عينه على حيه ذات قرون صاعدة وهي على تلك الفروع راقدة فازداد همه وأحاط به وهمه وغمه فبقى بين بليتين وانحصر في داهيتين فلم يجد أوفق من التوكل على الله والإعراض عما سواه فاعتمد متوكلاً عليه وفوض الأمر إليه. وبينما هو في تلك الشدة وقد بلغ به ضره حده وإذا برجل أقبل من الفلا وعلى عاتقه عصا مقبل بها على الذئب مهرولاً فلما رآه الذئب على تلك الحالة من قريب وأيقن بهلاكه بما معه من السلاح فر هارباً بالكلاحة فنزل الفلاح من فوق الشجرة وأزال الله تعالى همه وضرره.
وإنما أوردت هذا المثل لتعلم أن الله نعم الوكيل ومن عليه يتوكل فأخرج هذا الوسواس من القلب والرأس ولا تخلع الحذاء قبل الوصول للماء ولا تهتم لأمر ما سيما إذا لم يكن وقع فإن ذلك من أشر البدع فإن قصدنا بسوءٍ فالله بكافيه وسيكفينا فيه. قال الدب هذا رأي القاصر في البعر العاجز في الفكر وأما ذو الفكر الثاقب فلا يغفل عن العواقب وكل من قصر عن العواقب نظره ولم يسد في الأمور فكره فهو كمن تعلقت النار بأهدابه وتشبث لإحراق ثيابه وهو مشغول عن إطفائها متساهل في كشف أضرارها فلم يفق إلا وبه قد نشبت وأعضاؤه بالنار التهبت فماذا تفيده الإقامة وقد صار حراقه؟ قال الجمل: يا أخي