للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أفق من محالك وعالج فساد تصورك وخيالك وانظر قوة جلادك وكيفية حالك ألم تعلم بأن لحمي قد نبت من صدقات الأسد وحبه ثبت في دمي وعظمي وكيف لنعمه أجحد وكيف أريق دمه وأنا غرس صدقاته وبنيان نصفاته ورفيق حضرته وعتيق منته، مع أني لو نبذت عهده وقطعت ما قعطت وعزمت على مناوشته ما استطعت.

أما سمعت قول الشاعر:

هي العنقاء تكبر أن تصادا ... فعائد من قدرت له عنادا

أتريد صيد العقاب بفرخ أم اقتناص الذئاب بجرو الكلاب أم صيد الفهود تبغيه بالقرود أم بالسنانير صيد الأسود الهواصير؟ والله بالأذى لا أقصد الأسد ولا يطاوعني على ذلك قلبي أبداً ولو فعلت ذلك لسعيت في دماري وخراب دياري وجدعت انفي بكفي وبحثت على حتفي بظلفي وجززت بيدي رأسي وقطعت ثديي بفأسي وقلعت بإصبعي مقلتي وسلمت للموت مهجتي وكنت من أكبر المعتدين وأفسدت ديني ودنياي، والله لا يصلح عمل المفسدين فاطو عني عنان هذا الكلام وارتجع عن ذكره بسلام. وكان بالقرب منهما وكر فارة وقد سمعت ملا جرى بينهما من تلك العبارة فوعت كلامهما وما قاله كل منهما فلما رأى الدب المريد أن كلامه مع الجمل لا يفيد أمسك واحتشم وأخذه على ذلك الندم، واستمر الجمل ف التفكر في معنى هذا الكلام والمقال حتى أداه إلى الهزال وصيره في الانتحال حتى صار كالخلال وذهب منه ما كان عليه من النشاط وداخله الفكر والاحتياط وصار كل يوم في انحطاط وتوهم واختباط. ولم يزل بين هم وغم ورجاء وخوف أعم ففطن له الأسد وتعجب من حاله

<<  <   >  >>