ولم يعرف ما سبب انهزاله وكان عنده غراب مقدم على جميع الأصحاب هو وزيره ومعتمده وصاحب أخباره وعضده فسأله عن حال الجمل وما شاهده عليه في شدة الخوف والوجل وقال له: أنا عففت عن لحوم الحيوانات وأكلها ورضيت في العيش بأدنى مطعوم من النباتات التي أجدها وهذا قد عرف واستقر مني عليه العمل وصار في بال كلكم حتى الجمل فما لي أراه ليس له مستقر ولا هدوء فكر فأريد أن تعرف لي حاله وتخبرني عن صدقه ومحاله. فتوجه الغراب إلى منزل الجمل وسأله عن هزاله وسبب سقمه وانتحاله فما أجاب جواباً ولا حكي صواباً فطار الغراب يرتقبه وحيث ما توجه يعتقبه ففي بعض الأيام كان الغراب على بعض الأكام فرأى الجمل مقبلاً إلى الماء ليطفي بشربه ثورة الظمأ فتخفى الغراب واقتفى أثره وقاربه واختفى وخلف صخرة فقال بعدما شرب وقد رأى سميكات الماء في اللعب: لك الحمد يا رب ما أرحمك وطوبى لك تبارك أسمك لا وزر يوشى تخفن ولا حشم يقوى ترجفن ولا ملك يهولكن ولا سلطان يعولكن ولكن البكاء على المسكين الجمل الذي به ضاقت الحيل وقد وقع في دور البلا المرتجى فصار لا يهتدي إلى طريق النجا بل ولا يدري عاقبة أمره المهول إلى ماذا يؤول إلى الغرق والندامة أم إلى بر السلامة. ثم أخذ في الانتحاب إلى أن أبكى الغراب وشاب من هذا الأمر