بالعدل والإحسان مذكور بإقامة البرهان متصفا بالصفات الحميدة مكتفيا بالشمائل السعيدة من الدين والعفة والعقول الراجحة المكفه والعلم الوافد والعطاء العاطر، واعلم أن بعض الملوك السالكين في رعيتهم أحسن سلوك أمر في بعض الأيام أن تجتمع الخواص والعوام ما بين وزير وأمير وصغير وكبير وغني وفقير وجليل وحقير وعالم وجاهل ومفضول وفاضل وحاكم وقاض وساخط وراض وجندي وتبع وقريب وبعيد وشقي وسعيد وقاص ودان وعاص ومذكور وخامل وناصر وعامل وصالح وطالح وضاحك وباك ومصيب وخاطئ ومسرع ومتباطي وصياد وملاح وشياح ومناح وبلدي وفلاح ومسلك وسالك ومملوك ومالك، بحيث أن لا يتخلف عن الحضور أحد ولا يجري في التقاعد ولد عن ولد ومهد لهم في روض أريض ومرج عريض تتدفق مياه أنهاره وتتباهى بالتسبيح فصحاء أطياره وتلتذ بفواكه جنانه ثماره كما قيل:
يلتذ جاني بأنعم مقطف ... وساكنه يحظى بأنعم معطف
والورق بين محلق في جوه ... طيرا ومنحط عليه برفرف
وأمر أن يفرش ذلك المكان بالفرش الحسان من الديباج والحرير وأطلق مجامر الند والعبير وبين من المقامات في هذه الأوقات الطيبات مقاما معلوما وقسم له مجلسا مقسوما وأحله محله وبسط عليه ظله ثم أمر بأنوع الأطعمة المفتخرة وأصناف الألوان الطيبة العطرة فأحضر في أواني الفضة والنضار ووضع بين يدي أولئك الحضار بحيث غمرت الجميع ووسعت الشريف والوضيع وجلس الملك في مسند السلطنة واكتنفه الميسرة والميمنة وأخذ كل منهم مكانه ورتب أصحابه وأعوانه ثم أقام عليهم أرباب الديون وأدخل جميعهم في دفاتر الحسان والإيوان وافر مناديا فشدا وأشهر الندا