للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عن القرية التي هو بها وقت الظهر فصعد على شجرة عالية وأذن عليها فأعجبه صوته فسمعه ثعلب كان في ذلك المكان له وكر فسرت نفسه بذلك وخرج مسرعاً إليه فلما رآه الديك نط إلى أعلى الشجرة فقرب الثعلب إلى الشجرة بحيث يراه فلما رآه سلم عليه سلام مشتاق محب وقال له: شكر الله سعيك لقد أحييت قلوبنا بطيب آذانك وقد جئت لأتبرك بك وأبشرك ببشارة لم يقع مثلها منذ قامت الدنيا، وهي أن الملك نادى أن جميع الوحوش تتعاشر وتتصاحب وتتزاور بحيث لا يبغي بعضها على بعض ويتصاحب الذئب مع النعجة والثور واللبوة والقط مع الفار والديك والثعلب فالحمد لله الذي قد حصلت المصافاة وذهب الأحقاد والمنافاة، كل ذلك والديك فتحرز منه ولا يلتفت إليه ولا إلى خزعبلاته وتحيلاته بل نظر إليه نظر متملق وقال يا أخي يا ثعلب وأنا أبشرك ببشارة ثم سكت والتفت يميناً وشمالاً وأماماً وخلفاً فقال الثعلب للديك: يا أخي أنا أبشرك ببشارة وأنت لا تلتفت إليّ ولا تنظر لي بل تتشاوف من بعيد فأخبرني ما شأنك وما أمرك؟ فإن أمرك أعياني وشأنك كشأن من لا نظرني ولا رآني. قال لديك: أجل أيها المحب ما يشغلني عنك جد ولا أب وإنما أنا رآني غيرة قائمة من بعيد أريد أن تحققها فإني لم أقع على ما هي!؟ فقال الثعلب: بالله حقق النظر وأخبرني، فنظر طويلاً وقال: أرى حيواناً رقيق الخلقة طويل الأذنين يجري كالريح وليس له غبار يدرك إلا قليل فقال الديك: اصبر حتى تنظر ما هو؟ فقال: والله ما بقي لي صبر وقد رفرف فؤادي، فقال له الديك: أما قلت إن السلطان قد رسم بالصلح بين الحيوانات فأي شيء بقي للكلب عندنا وإذا جاء إلينا يكون صاحبنا وعشيرنا؟ فقال الثعلب: لعل هذا الكلب لم يكن سمع الندا والإجهاز ولا طاقة لي به ثم فر هارباً.

<<  <   >  >>