للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن بطال (ت: ٤٤٩ هـ): «وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء. . ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح» (١) وقال شيخ الإسلام (ت: ٧٢٨ هـ): «استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة؛ للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم» (٢) وقال: «وإن ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الصبر على جور الأئمة، وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وإن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد» (٣) وقال أيضا: «إن الملك الظالم لا بد أن يدفع الله به من الشر أكثر من ظلمه، وقد قيل: ستون سنة بإمام ظالم خير من ليلة واحدة بلا إمام، وإذا قدر كثرة ظلمه فذاك ضرر في الدين، كالمصائب تكون كفارة لذنوبهم، ويثابون عليها، ويرجعون فيها إلى الله، ويستغفرونه، ويتوبون إليه، وكذلك ما يسلط عليهم من العدو. . ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتال من يقاتل على الدين الفاسد من أهل البدع كالخوارج، وأمر بالصبر على جور الأئمة، ونهى عن


(١) شرح صحيح البخاري لابن بطال (١٠/ ٨).
(٢) منهاج السنة (٤/ ٥٢٩).
(٣) منهاج السنة (٤/ ٥٣١).