للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان يحمل كتبه على ظهره قال لي: كنت أبيت ببغداد في المساجد، وآكل خبز الدخن إلى أن قال عبد القادر: ثم عظم شأنه، حتى كان يمر بالبلد، فلا يبقى أحد رآه إلا قام ودعا له حتى الصبيان واليهود.

وكان يقرئ نصف نهاره القرآن والعلم، ونصفه الآخر الحديث، وكان لا يغشى السلاطين، ولا يأخذه في الله لومة لائم، وكانت السنة شعاره ودثاره، اعتقادا وفعلا.

ولا يمس الجزء الحديثي إلا على وضوء، توفي في تاسع عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة١.

٣٠- اليسع بن عيسى بن حزم أبو يحيى الغافقي الأندلسي الجياني.

أخذ القراءات عن أبيه، وكان أبوه من جلة المقرئين، الذين حملوا عن أبي داود وابن البناء وابن الدوش، وأخذ أبو يحيى عن أبي العباس القصبي، وأبي الحسن شريح، وأبي القاسم بن أبي رجاء.

وسمع منهم ومن أبي عبد الله بن زغيبة وطائفة، وأجاز له أبو محمد بن عتاب، ورحل فسكن الإسكندرية وأقرأ بها ثم رحل إلى مصر، فاشتمل عليه الملك الناصر صلاح الدين، ورتب له معلوما وافرا.

قال أبو عبد الله: كان صلاح الدين يكرمه ويشفعه في مطالب الناس؛ لأنه كان أول من خطب على منابر العبيدية، عند نقل الدعوة العباسية، تجاسر على ذلك، حين تهيبه سواه.

وكان فقيها مشاورا، مقرئا محدثا حافظا نسابة، من أبدع الناس خطا، وله تاريخ في محاسن المغرب هو متهم في تأليفه.

قلت: روى عنه أبو عبد الله التجيبي وابن المفضل المقدسي، قرأ عليه الصفراوي وابن عيسى، مات في رجب سنة خمس وسبعين وخمسمائة٢.

٣١- علي بن أحمد بن حنين، أبو الحسن الكناني القرطبي، المقرئ الفقيه.

نزيل فاس، ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة. وقرأ القراءات على أبي الحسن العبسي، صاحب ابن نفيس.


١ انظر/ شذرات الذهب "٤/ ٢٣١, ٢٣٢", غاية النهاية "١/ ٢٠٤".
٢ انظر/ شذرات الذهب "٤/ ٢٥٠", غاية النهاية "٢/ ٣٨٥".

<<  <   >  >>