للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما اتفق له معه، وألا يشهر ذلك من العامة، فهذه كلها علامات تدل على سوء القصد والنية".

وأرى أن الاهتمام بهذه النقطة يكون أكثر من غيرها؛ لأنها أدعى كل النقاط التي ذكرناها لقبول النصيحة، ولأن إبلاغ النصيحة للحاكم ولغيره لا بد أن تظل لابسة ثوب النصيحة لا ثوب الفضيحة؛ لأنها متى أعلنت للناس خرجت من نصيحة وتحولت إلى فضيحة، فإذا لم يتيسر للناصح أن يخلو بالحاكم فعليه أن يلجأ إلى طرق أخرى، وفي حضور الطريقة السابقة من حيث السرية كأن يكتب له خطابًا ويسلمه بيده إن تيسر، وإلا حاول إرساله مع ثقة مع تحريضه -أي: ثقة- ألا يفتح الخطاب إلا بيد الحاكم، وبهذا يضمن المحتسب الناصح ألا يقع فيما يخالف.

خامسًا: مراعاة هيبة السلطان وجلال الحكم؛ لأن في ابتذال ذلك وعدم مراعاته مدعاة مؤكدة لعدم قبول النصيحة، وبالتالي قد تتخذ مدخلًا على السلطان ممن لهم مقاصد دنيئة، وهيبة السلطان هيبة للأمة، ولا ينبغي أن يتجاوز المحتسب الناصح المرتبتين الأولتين من مراتب إنكار المنكر مع الحاكم على الترتيب الذي ذكره الغزالي: التعريف والوعظ، فإذا ما اتبع المحتسب هذا النهج في تقديمه النصيحة للحاكم المسئول كان قد بذر بذرة طيبة بكلمة طيبة، فالكلمة الطيبة لها أثر عظيم في كسب القلوب، وأسرها، وفيها يقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (إبراهيم: ٢٤، ٢٥).

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <   >  >>