للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الحق ذاته، فإن لذات الحق حقوقًا على الناس، ومن هذه الحقوق صيانته بكل ما يمكن من أساليب ووسائل، وإلا ضاعت معالمه وطمست آثاره.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من بين الأساليب والوسائل التي يتم بها حماية الحقوق, فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة، إلا أن العلماء اختلفوا فيه من حيث العينية والكفائية، هل هو واجب عيني أم كفائي؟

ومعلوم أن الواجب الكفائي إذا قام به البعض سقط الحرج عن الآخرين، وأما الواجب العيني فلا يقوم أحد مقام أحد فيه، وكل إنسان مكلف به فإذا تركه أثم وإن قام به الآخرون، وسبب الخلاف هو هل كلمة من في قول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (آل عمران: ١٠٤)، هل كلمة من في قوله {مِنْكُمْ} للتبعيض أم للبيان؟ فقال بعضهم ليست للتبعيض، لدليلين:

الأول: أن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل الأمة في قوله سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (آل عمران: ١١٠).

والدليل الثاني: هو أنه لا مكلف إلا ويجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إما بيده أو بلسانه أو بقلبه، ويجب على كل أحد دفع الضرر عن النفس، فإذا ثبت هذا نقول: معنى هذه الآية {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}: كونوا أمة دعاة إلى الخير آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، وأما كلمة من فهي هنا للتبيين لا للتبعيض كما في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِِ} (الحج: ٣٠)، ويقال

<<  <   >  >>