ولأن العصر الحديث قد أفرز على السطح علوماً تجريبية علمية، واعتمدت النظريات العلمية الحديثة والتي على ضوئها شهدت الساحة هذا التفوق الحضاري في الميادين التجريبية، وكانت الحاجة لتفسير نصوص الشرع التي فيها إشارات - قريبة كانت أم بعيدة - تفسيراً علمياً يواكب التقدم ضرورة ملحة، فظهرت المؤلفات التي حاول مؤلفوها مواكبة هذا التطور، وظهر ما يسمى بالتفسير العلمي، فكان فناً من فنون علوم القرآن، وظهر التفسير الموضوعي الذي عالج موضوعاً معيناً من خلال القرآن كله، أو من خلال سورة منه، أو بتتبع لفظة من كتاب الله، وزاد الاهتمام بإظهار جوانب الإعجاز العلمي في القرآن، وظهرت المؤلفات في الإعجاز الطبي والكوني. وغير ذلك، والمؤلفات في ذلك كثيرة لعلنا نشير إلى بعضها في ختام هذا البحث.
كما دعت الحاجة حين أصبح التواصل بين شعوب العالم يسيراً، إلى تقديم ترجمات ميسرة من معاني كتاب الله إلى تلك الشعوب، فأصبح البحث الدقيق في مسألة ترجمة معاني القرآن إلى تلك اللغات العالمية، أمراً في غاية الضرورة. وقل مثل هذا في عدد العلوم التي دعت حاجة العصر إلى نشوئها أو التعمق فيها.
أريد أن أؤكد هنا أن العصر الحالي قد أوجد مجموعة من العلوم لم تكن موضع اهتمام العلماء السابقين لكونها لم تكن من قبل، أو لأنها لم تتضح لهم بمثل ما اتضح للجيل الذي عاصر التقدم العلمي في المجالات التجريبية.