ذلك التراث الضخم الذي بقي مخطوطاً والذي أثقلت رفوف المكتبات العامة والخاصة من حمله، فأخرجته أيدي المحققين، بعد أن نفضت عنه تراب السنين، وعكف الباحثون على تحقيقه وإخراجه بصورة مرضية، وفق أسس منهجية علمية، يعيدون النظر في المواضع التي تحتاج منهم إلى إعادة نظر، فقوموا النص، وأخرجوه على أفضل صورة بعد أن وقفوا على النسخ المتعددة وقابلوا بينها، ولم يأل أولئك جهداً في إثبات التعليقات المفيدة، والإضافات النافعة، وشرح الغامض من الألفاظ والعبارات، وبخاصة تلك التي أصبحت غريبة على جيل العصر، فذيلت الأصول بحواش قربت البعيد، ويسرت الصعيب، وأصبح في إمكان طالب العلم فهم نصوص السلف على مرادهم بيسر وسهولة.
واتجه فريق آخر من أهل العلم إلى الكتابة ابتداءً، ورأى أن لكل جيل مفهومه وقدراته وحاجاته، وأن من حق أبناء العصر أن يقدم لهم العلم بالطريقة التي يفهمونها، وبالأسلوب الذي يرتاحون له، فظهرت المصنفات التي بدا عليها هذه السمات، مع التحقيق والتمحيص بين المنقولات، ويمثل كتاب الأستاذ الدكتور مصطفى زيد "النسخ في القرآن الكريم" واحداً من هذه المصنفات التي عالجت موضوعاً قرآنياً بنظرة حديثة، وكذا كتاب الأستاذ غانم قدوري الذي أسماه: رسم المصحف، دراسة لغوية وتقويمية.
كما كان للاستحداث الذي حدث لأسلوب التعليم في الجامعات والأكاديميات العلمية، أثر عظيم في نوعية التآليف التي ظهرت.