للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتخصيص العام من القرآن الكريم بالخاص من السنة، واستدل على ما اختاره بسيرة الصحابة رضي الله عنهم، قال: "وما ذكره القاضي وإن كان متجها في مسلك العقل فالمتبع في وجوب العمل ما ذكرناه، ومن شك في أن الصديق رضي الله عنه١ لو روى خبرا عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في تخصيص عموم الكتاب لابتدره الصحابة قاطبة بالقبول فليس على دراية في قاعدة الأخبار"٢.

وخالف بعض العلماء ما سبق، فمال إلى ترجيح جهة الثبوت على جهة الدلالة، وعلل ذلك بأن جهة الدلالة مفرعة عن جهة الثبوت فكان عدم قطعية الدليل من جهة الثبوت يورث شبهة في جهة الدلالة وإن كانت قطعية، وذلك أن معنى الدليل ودلالته مُودَعان في اللفظ فهما تَبَع له وفرع عن ثبوته.

وعلى هذا القول فإذا تعارض دليل عام من القرآن ودليل خاص نص من السنة الأحادية قدِّم العام من القرآن على الخاص من خبر الواحد لأنه راجح عليه، فإن القطعية في العام من جهة الثبوت، وهي على هذا المذهب أقوى من قطعية الخاص التي هي من جهة الدلالة٣.


١ هو عبد الله بن عثمان بن عامر أبو بكر الصديق بن أبي قحافة، القرشي التيمي، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار وفي الهجرة إلى المدينة، توفي سنة (١٣) هـ. انظر الإصابة ٤/١٠١-١٠٤.
٢ البرهان١/٢٨٦.
٣ انظر أصول البزدوي مع كشف الأسرار للبخاري٣/٩ ومسلم الثبوت لابن عبد الشكور ١/٣٥٠-٣٥١.

<<  <   >  >>