٢ قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح في الاعتبار والشواهد والمتابعات: "هذه أمور يتداولونها في نظرهم في حال الحديث هل تفرد به راويه أو لا وهل هو معروف أو لا؟ ". مقدمة ابن الصلاح ص١٨٢، وانظر دليل أرباب الفلاح للشيخ حافظ الحكمي ص١٧-١٨. ٣ والتقييد بالتحقيق في علم الحديث لأن من ينظر في الأحاديث قد يقع في خطأ آخر وهو القطع بخبر لم تحتف به قرائن القطعية، فهو يقطع اعتمادا على ظاهره فقط دون التحقيق، والقطع بدليل دون موجبه خطأ. وأشار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (١٣/٣٥٢-٣٥٤) إلى طرفي الناس الواقعين في الخطأ في هذا قائلا: "والناس في هذا الباب طرفان: طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله لا يميز بين الصحيح والضعيف فيشك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند أهل العلم به، وطرف آخر ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به كلما وجد لفظاً في حديث قد رواه ثقة أو رأى حديثا بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم به أهل العلم بصحته حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة أو يجعله دليلا في مسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط". فدل ما ذكره - رحمه الله - في الطرف الثاني أنه لا يجوز القطع بأخبار لم تحتف بها قرائن تفيد القطع في الأخبار ولا جعلها في مصاف الأحاديث القطعية المجزوم بحقيقة الأمر فيها وإنما الواجب فيها اعتقاد الظاهر منها دون القطع لعله يتبين الأمر فيها بالتحقيق، وأن المسائل التي فيها أدلة شرعية مفيدة للعلم لا يستدل فيها بأخبار لم يعلم صحتها إلا من ظاهر أسانيدها دون النظر في التحقيق فيها وهو تتبع القرائن وقول أهل الشأن في علم الحديث، فقد يكون الخبر ظاهر الصحة بالنظر إلى إسناده ويكون فيه علة خفية قادحة.