للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الأول: أنه ليس الخلاف هنا في حجية العام، أي دلالة الصيغ والألفاظ الموضوعة للعموم عليه، وصحة الاحتجاج بها في إثبات الأحكام الشرعية، لأن القطعية فرع عن الحجية، فمن خالف في وجود صيغ موضوعة للعموم فعدم كونه قائلا بقطعية تلك الصيغ في العموم أمر ظاهر، لذا ينحصر الخلاف في هذه المسألة في القائلين بالحجية دون المانعين١.

الأمر الثاني: ليس الخلاف في دلالة اللفظ العام على معناه الأصلي في وضع اللغة، فلفظ (الرجال) موضوع في اللسان لجَمْع الرجال، وإنما الخلاف في هل يتيقن أن المتكلم بذلك يريد كل ما يصلح له اللفظ أم أنه يحتمل أنه يريد به بعض ذلك، أي أن الخلاف في إرادة المتكلم الشمول من اللفظ لا في معنى اللفظ وضعا٢.

الأمر الثالث: الخلاف في العام المطلق أي الذي لم يقترن به ما يدل على كونه مرادا به بعض ما يصلح له اللفظ أو كله على سبيل القطع، فما دلت القرائن على قطعية العموم أو عدم قطعيته فيه لا يختلف في أنه على


١ ويدل عليه ترتيب العلماء البحث في العموم، إذ يجعلون الخلاف في قطعية العام مفرعا على القول بحجية صيغ العموم. انظر ميزان الأصول لعلاء الدين السمرقندي/٢٧٧-٢٨٠ والبحر المحيط للزركشي٣/١٧-٢٦.
٢ انظر الإبهاج لابن السبكي٢/١٤٩ وشرح المحلي على جمع الجوامع١/٤٠٧ وشرح الكوكب المنير للفتوحي ١/٢٣٨ وانظر التحرير مع التقرير والتحبير١/٢٣٨ ومسلم الثبوت مع فواتح الرحموت ١/٢٦٥.

<<  <   >  >>