للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخصوص فإذا قطعنا بنفي ما يخصص العام كانت دلالته على أفراده قطعية.

أدلة هذا القول:

الدليل الأول: أن إرادة المتكلم بكلامه ما هو موضوع له حقيقة أمر معلوم وهو الأصل، وإرادته به المجاز لا يعارض المعلوم لأنه موهوم لعدم الدليل عليه، ومراده غيب على غيره فلو لم يدل عليه لفظه لكان في طلب معرفته حرج ومشقة، وذلك مرفوع عن المسلمين١.

واعترض بأن الاحتمال هو في إرادة المتكلم كل ما يتناوله لفظه وضعا، ودليله كثرة التخصيص٢.

الدليل الثاني: لو لم يكن العام قطعيا لجاز إرادة بعض ما يتناوله اللفظ في العرف بلا دليل صارف، وذلك يؤدي إلى ارتفاع الأمان عن الألفاظ الشرعية ويلزم منه التلبيس والتجهيل والتكليف بالمحال٣.


١ انظر أصول السرخسي١/١٣٧-١٣٨ والتحرير لابن الهمام مع التقرير والتحبير لابن أمير الحاج١/٢٣٩.
وردت أدلة كثيرة في رفع الحرج منها قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا في اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ في الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} سورة الحج (٧٨) . وانظر الموافقات للشاطبي٢/١٢١.
٢ وقد سبق عند ذكر أدلة القول الأول الكلام على كثرة التخصيص وما اعترض به على ذلك.
٣ انظر التحرير مع التقرير والتحبير١/٢٣٩. ومسلم الثبوت وشرحه١/٢٦٦ وذكر فيه أن المقصود برفع الأمان المترتب على القول بعدم القطعية أنه عليه يجوز إرادة بعض ما يتناوله العام عرفا دون صارف، ولكن على القول بالقطعية تكون إرادة الكل هو الظاهر حتى يأتي صارف. انتهى كلامه. لكن الخلاف ليس في أن الظاهر من العام إرادة الكل فذلك لازم على القول بالحجية.
وانظر مسألة التكليف بالمحال والخلاف فيها في نهاية السول١/٣٢٩ فما بعد.

<<  <   >  >>