للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: أن القياس الشرعي قد يفيد القطع واليقين بالحكم.

ونسب شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول إلى الجمهور وقال: "وهو الصواب"١، ونقله الزركشي عن الأبياري٢ وابن دقيق العيد٣.

وعمدة هذا القول: جواز أن يُقطع في القياس بأمرين: أحدهما أن وصفا معينا علة حكم شرعي معين، وذلك بالطرق القطعية الدالة على العلية٤، والثاني أن ذلك الوصف المعين موجود في محل معين آخر، فيقطع بأن المحل الثاني مثل المحل الأول في الحكم الشرعي، وذلك قطعية القياس٥.

وقد سلم الفخر الرازي بقطعية القياس عند هذاين الأمرين، ولكنه قال: "البحث ينبغي أن يقع في هل يمكن تحصيل هذين اليقينين في الأحكام الشرعية أم لا؟ "٦، فهذه إشارة إلى استبعاد تحقق شروط القطعية في


١ مجموع الفتاوى ١٢/٣٤٥، وانظر ١٩/١٩، ٧٦، ١١٥-١١٦.
٢ هو علي بن إسماعيل بن علي أبو الحسن شمس الدين الأبياري، فقيه أصولي محدث، من تصانيفه: شرح البرهان لإمام الحرمين، وسفينة النجاة وهو كتاب ألفه على طريقة إحياء علوم الدين، توفي سنة ٦١٦ هـ. انظر الديباج المذهب ٢/١٢١-١٢٣ وشجرة النور الزكية ص١٦٦ والفتح المبين في طبقات الأصوليين ٢/٥٢.
٣ انظر البحر المحيط٥/٩٢-٩٣، وانظر شرح الكوكب المنير٣/٥-٦ والاستقامة ١/٦٩.
٤ وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على القطعي من مسالك العلة. انظر ص (خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.) .
٥ انظر مجموع الفتاوى١٢/٣٤٥-٣٤٧ والبحر المحيط٥/٩٢-٩٣.
٦ المحصول للرازي٥/٣٤٧، ونقل الزركشي عن إمام الحرمين في البرهان أنه ينفي إمكان وجود قرائن تنضم إلى القياس لتفيده القطعية وأنه قال: "هذا مجرد دعوى في مواضع الظنون" وأنه لا سبيل إلى بيان الدليل على وجود تلك القرائن في القياس. انظر البحر المحيط ٥/٢٨.

<<  <   >  >>