للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

............................................................................................................................................


في نبراس العقول (ص٣٧٣) إشارة إلى مسلك السبر والتقسيم: "ثم إن القطعي من هذا المسلك حجة في العِلميات والعَمليات بالاتفاق وإن كان حصوله في الشرعيات عسِرا جدا".
والمسلك الثاني: الدوران (ويسمى بالدوران الوجودي والعدمي وبالطرد والعكس) وهو: أن يوجد الحكم عند وجود الوصف وينعدم عند عدمه، والجمهور على أنه ليس من المسالك القطعية ويُنقل عن قوم من المعتزلة أنهم يقولون بقطعيته. انظر المحصول٥/٢٠٧ والإحكام للآمدي٣/٢٦٠ والتحصيل للأرموي٢/٢٠٣ والبحر المحيط٥/٢٤٦ والإبهاج لابن السبكي١/١٤٧ والتحرير والتيسير للكمال ابن الهمام٣/٤٩ ومذكرة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أصول الفقه ص٢٦٠. لكن أبا الحسين البصري ذكر الدوران في (المعتمد) في جملة المسالك الظنية المستنبطة ولم يذكر في العلل القطعية إلا ما كان طريقها "نصا من الله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم أو من الأمة متواترا"المعتمد٢/٢٥٠. وانظر المعتمد ٢/٥٢٠-٢٥١،٢٥٧-٢٥٨، وانظر كتاب القياس الشرعي الملحق بالمعتمد ٢/٤٩٩.
والظاهر من المعتمد كما سبق ومن العمد وشرحه٢/٧٧-٨٤: أن الدوران عندهم قطعي في إثبات العلل العقلية وأنه ظني في إثبات العلل الشرعية، فنسبة قطعية مسلك الدوران إلى بعض المعتزلة مقيَّدة بالعلل العقلية دون العلل الشرعية، والله تعالى أعلم.
ووجَّه بعض العلماء القول بالقطعية في مسلك الدوران بأنه حيث انضم إلى الدوران المناسبة أو كثرة التكرار أو انتفى المزاحم بالسبر والتقسيم. انظر كتاب الرد على المنطقيين لابن تيمية ص٩٣ والبحر المحيط ٥/٢٤٦ وشرح المحلي على جمع الجوامع ٢/٢٨٩ وشرح الكوكب المنير ٤/١٩٣-١٩٤ وانظر التحرير مع التيسير ٣/٤٩ ونبراس العقول ص٢٥٨.
فهذان المسلكان أهميتهما ضعيفة بالنظر إلى القطعية، لأن الأول وهو السبر والتقسيم يعسر الإتيان فيه بمثال شرعي فقهي، والثاني وهو الدوران منازع في قطعيته منفردا، ولعل الراجح عدم قطعيته إلا مع ضميمة قرائن القطعية، فبقيت العمدة في المسالك القطعية على الكتاب والسنة والإجماع، أما غيرها فالأمر فيه راجع إلى النظر والبحث وقد يقطع الناظر بضميمة جمع من الأدلة غير القطعية، وذلك باب واسع من مآخذ القطعية. والله أعلم.

<<  <   >  >>