وإن كان باعتبار الماضى ففي المسألة مذاهب أصحها عند الإمام فخر الدين وأتباعه أنه مجاز سواء أمكن مقارنته له كالضرب ونحوه أو لم يمكن كالكلام.
والثانى: أنه حقيقة مطلقا وهو مذهب أبى هاشم وأبى على وابن سينا.
والثالث: التفصيل بين الممكن وغيره وتوقف الآمدي وابن الحاجب فلم يصححا شيئا.
والرابع: قول أبى الخطاب قاله في مسألة خيار المجلس وهو الفرق بين ما يعدم عقب وجود مسماه كالبيع والنكاح والاغتسال والتوضى فإن الاسم يقع عليه بعد ذلك حقيقة وما يتعذر وجود المسمى جميعه كان الاسم مجازا.
والخامس قول أبى الطيب الطبرى حكاه عنه القاضى أبو يعلى أن هذه الأسماء عنده حقيقة عقب وجود المعنى المشتق منه بخلاف ما إذا طال الزمان.
إذا تقرر هذا فحاصل ما ذكره الإمام والآمدي وغيرهما وصرح به التبريزى١ في اختصار المحصول.
أن محل الخلاف فيما إذا لم يطرأ على المحل وصف وجودى يناقض المعنى الأول كالسواد مع البياض والقيام مع القعود فإنه يكون مجازا اتفاقا وهذا كله إذا كان المشتق محكوما به كقولك زيد مشرك أو قاتل أو متكلم.
فإن كان محكوما عليه كقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا}[النور: ٢]{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا}[المائدة: ٣٨]{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: ٣٦] ونحوه فإنه حقيقة مطلقا سواء كان للحال أم لم يكن إجماعا ذكره القرافي.
قال وإلا لتعذر علينا الاستدلال بهذه الآيات لأنه ما من نص يستدل به إلا وللمخالف أن يقول هذا إنما يتناول من كان موجودا حالة نزول الآية وأما من كان غير موجود فلا يتناوله إلا بطريق المجاز والأصل عدم التجوز إلى هذه الصورة فيحتاج كل دليل إلى دليل آخر من إجماع أو نص يستدل به على التجوز إلى هذه
١ هو الفقيه الأصولي المتكلم الشافعي: تاج الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي الحسن الأردبيلي التبريزي [٦٧٧ – ٧٤٦هـ] .