قال ويتخرج وجه ثالث منعه وتحليله من نذر مطلق لأنه على التراخى كوجه لأصحابنا في سقوط نفقة الزوجة بذلك.
ومنها: الحج لا يجب عليه جزم به الأصحاب لأمره بالإعادة في حديث ابن عباس رضى الله عنهما "أيما صبى حج ولم يبلغ الحنث فعليه حجة أخرى وأيما أعرابى حج ثم هاجر فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى" ١ والأكثرون على وقفة على ابن عباس وانفرد محمد بن المنهال برفعه وهو محتج به في الصحيحين وغيرهما وكان آية في الحفظ ولهذا صححه جماعة منهم ابن حزم وأجاب بنسخه لكونه فيه الأعرابى.
وقال الأصحاب عدم الوجوب على الجهاد والفرق بينهما ظاهر إذ الجهاد المقصود منه الشهادة فيفضى إلى ذهاب مالية السيد بخلاف الحج.
وقال طائفة لا يجب عليه الحج لأنه لا يملك.
قلت: فمفهوم هذا القول إذا قلنا يملك وفي يده مال يمكنه أن يحج فيه وجب عليه وإلا فلا يؤيده أن أبا محمد المقدسي في كتابه المغنى في كتاب الحج قال إذا ملك السيد عبده هديا وقلنا يملكه فهو كالواجد للهدى لا يتحلل إلا به انتهى.
وإنما فرضنا المسألة فيما كان في يده مال يمكنه أن يحج به أما إذا لم يكن في يده مال وأراد السيد تمليكه مالا ليحج به فلا يلزمه هنا جزما.
وعلى هذا ينزل ما ذكره صاحب المغنى من لزوم التكفير بالمال في الحج أو نفي اللزوم في الظهار وأما إذا لم يحتج العبد في حجه إلى راحلة لكونه دون مسافة القصر ويمكنه المشى بلا ضرر يلحقه فظاهر كلام الأصحاب لا يجب عليه الحج ولو أذن له سيده وقد يقال بوجوب الحج عليه في هذه الصورة إذا أذن له سيده إن لحظ في إسقاط الوجوب عنه فيما فوق مسافة القصر حق السيد وإن لحظ أنه لا يملك ما يحج به فيصير كالمعسر فههنا لا يحتاج
١ أورده صاحب "كنز العمال" وقال: رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" والضياء كنز العمال رقم: "١٢٢٢٧".