في الغالب غير مفيد بإخباره عن ثبوته للحقيقة فتعين أنه إنما نطق به لقصد آخر غير الإخبار عن ثبوته للحقيقة وهو سلب الحكم عن المسكوت عنه وهذا الغرض لا يتعين إذا لم يكن غالبا لأنه غرضه حينئذ فيكون الإخبار عن ثبوته للحقيقة لا سلب الحكم عن المسكوت عنه فظهر أن الوصف الغالب على الحقيقة أولى أن يكون حجة والله أعلم.
قلت واختار أبو المعالي الجوينى أن المفهوم إذا قيل به فإنه يكون حجة ولو خرج مخرج الغالب.
وقال أبو البركات ولكن يظهر أن ذلك من مسالك التأويل فيخف على المتأول ما يبديه من الدليل العاضد.
وعلى القول الأول بأنه ليس بحجة إذا خرج مخرج الغالب فهل يكون عاما في المسكوت عنه والمنطوق أم لا كلام الأكثرين من أصحابنا يدل على لداود على اختصاص تحريم الربيبة بأنهما في الحجر بالآية وأجابوا لا حجة فيها لخروجها على الغالب.
فقال هو خاص بالسلم وإلحاق غيره به إنما يصح إذا كان مثله.
واحتج في الانتصار على نشر الحرمة بلبن الميتة بقوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] فقيل له الآية حجة لنا لاقتضائها تعلق التحريم بفعلها للإرضاع فقال علته لأنه الغالب كالربيبه ولهذا لو حلب منها ثم سقى نشر.
وقال أبو الفتح بن المنى من أصحابنا هو عام فإنه أجاب من احتج لصحة نكاح المرأة بلا إذن بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم:"أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل" ١ فإن المفهوم ليس بحجة على أصلنا.
قلت وهذا فيه نظر فإنه قد تقدم أن المفهوم عندنا حجة على الصحيح
١ رواه أحمد عن عائشة بلفظ "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" المسند رقم: "٢٤٣٦٦ و ٢٥٣١٣" ورواه أبو داود كتاب النكاح رقم: "٢٩٨٣" والترمذي كتاب النكاح رقم: "١١٠٢".