{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} , أي: بالبيت الحرام, والباء للسببية, وسوغ بها الإضمار مع أنه لم يجر اشتهار استكبارهم وافتخارهم بأنهم خدام البيت وقوامه.
{سَامِراً} , أي: تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه, وذلك أنهم كانوا يجتمعون حول البيت يسمرون, وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن, وتسميته سحرا أو شعرا.
و {تَهْجُرُونَ} من الهجر –بفتح السكون- بمعنى القطع والترك, والجملة في موضع الحال, أي: تاركين الحق والقرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم على تقدير عود الضمير {بِهِ} له, وجاء الهجر بمعنى الهذيان, وجوز أن يكون المعنى عليه, أي: تهذون في شأن القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه, أو ما يعم جميع ذلك, ويجوز أن يكون من الهجر –بضم السكون- وهو الكلام القبيح.
فأنكر الله تعالى عليهم بقوله: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} ليعلموا –بما فيه من وجوه الإعجاز- أنه الحق من ربهم, فيؤمنوا به, {أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} , أي: بل جاءهم....إلخ.
والمقصود أن من خصال الجاهلية التكبر بسبب الرئاسة على المواضع المقدسة, كما هو –اليوم- حال كثير ممن يدعي الشرف بسبب ذلك, فمنهم من ادعى الشرف على المسلمين بسبب رئاسته على مكة والمدينة, ومنهم من ادعاه بسبب الرئاسة على المشاهد ومقامات الصالحين, وهؤلاء الذين يدعون انتسابهم إلى عبد القادر الجيلي في بغداد يدعون الشرف بسبب رئاستهم على قبر عبد القادر, واستيلائهم على النذور والصدقات والذبائح والقرابين الشركية, التي يتعبدها جهلة المسلمين من الهنود والأكراد ونحوهم, وهم أفسق خلق الله, وأدنؤهم نفسا, وأرذل