للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن سلامة الاعتقاد من المقوِّمات الأساسية للمعلم، الذي يتصدَّى للتعليم والتربية في حلقات القرآن، لأن ذلك يثمر الاستقرار القلبي، فيصبح اعتقاده القلبي متوافقاً مع قوله اللفظي، وسلوكه العملي (١) ، ومن كانت هذه سيرته فإنه يستطيع أن يحقق أبرز أهداف الحلقات القرآنية، بغرس بذرة الإيمان في نفوس الناشئة، وبناء لبنة عقيدة التوحيد الباسقة المظللة، بحيث يقع القرآن على أصل الإيمان مع نقاء الفطرة، فتنمو الثمرة، وتأتي أكلها، فيحصل النفع بإذن الله.

ولا يفوتني وأنا أتحدّث عن هذه الصفة، والسمة البارزة لمعلمي الخير أن أشير إلى أن أئمة القراءة الأوائل كانوا على هذا المنهج الواضح الذي لم يتكدر ولم يرنُق. فنجد الإمام الحافظ المقرئ أحمد بن محمد بن عبد الله، أبا عمر الطلمنكي (ت: ٤٢٩ هـ) - وهو أول من أدخل القراءات إلى الأندلس كما يرى ابن الجزري (٢) - على هذه الطريقة التالدة، وألَّف في هذا المهيع كتابه (أصول السنة) (٣) ، وقد نقل عنه ابن تيمية وابن القيم نقولاً وافرة في كتبهما.

ونجد الإمام المقرئ عثمان بن سعيد، أبا عمرو الداني: (ت: ٤٤٤هـ) ، ألَّف (الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات) ،


(١) مهارات التدريس في الحلقات القرآنية (بتصرف) : ٦٨.
(٢) غاية النهاية: ١ / ١٢٠، والنشر: ١ / ٣٤.
(٣) يعتبر هذا الكتاب من المفقود من مؤلفات الطلمنكي. والمراد بكتب (السنة) : الكتب الحاضَّة على اتباعها والعمل بها، وترك ما حدث بعد الصدر الأول من البدع والأهواء. انظر الرسالة المستطرفة للكتاني: ٣٧.

<<  <   >  >>