وَإِنَّهُ كَانَ وَزِيرَ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَإِنَّ تِلْكَ الْخِلْقَةَ لَيْسَتْ عَلَى خِلْقَتِنَا بْلُ مُفْرِطٌ فِي الطول والعرض.
١٣٤- في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ طُولُهُ سُتُونَ ذِرَاعًا فَلَمْ يَزَلُ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ" وَمَا ذَكَرَ أَحَدٌ مِمَّنْ رَأَى الْخَضِرَ أَنَّهُ رَآهُ عَلَى خِلْقَةٍ عَظِيمَةٍ وَهُوَ مِنْ أَقْدَمِ النَّاسِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخَضِرُ قَبْلَ نُوحٍ لَرَكِبَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ وَلَمْ يَنْقِلْ هَذَا أَحَدٌ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ نُوحًا لَمَّا نَزَلَ مِنَ السَّفِينَةِ مَاتَ مَنْ كَانَ مَعَهُ ثُمَّ مَاتَ نَسْلُهُمْ وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ نَسْلِ نُوحٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُوحٍ.
وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا أَنَّ بَشَرًا مِنْ بَنِي آدَمَ يَعِيشُ مِنْ حِينَ يُولَدُ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَمَوْلِدُهُ قَبْلَ نُوحٍ لَكَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمَ الآيَاتِ وَالْعَجَائِبِ وَكَانَ خَبَرُهُ فِي الْقُرْآنِ مَذْكُورًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمَ آيَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنْ أَحْيَاهُ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا وَجَعَلَهُ آيَةً فَكَيْفَ بمن أحياه إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute