وهؤلاء يبالغون في مخالفة هذين الحديثين، ويرفعونها عن الأرض كالبيت، ويعقدون عليها القباب.
إلى أن قال:(فانظر إلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقصده من النهي عما تقدم ذكره في القبور، وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه؟ ! ولا ريبَ أن في ذلك من المفاسد ما يعجز العبد عن حصره) .
ثم أخذ يذكر تلك المفاسد، إلى أن قال:(ومنها: أن الذي شرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - عند زيارة القبور إنما هو تذكر الآخرة، والإحسان إلى المزور بالدعاء له، والترحم عليه والاستغفار، وسؤال العافية له؛ فيكون الزائر محسنًا إلى نفسه وإلى الميت، فقلب هؤلاء المشركون الأمر، وعكسوا الدين، وجعلوا المقصود بالزيارة: الشرك بالميت، ودعاءه والدعاء به، وسؤال حوائجهم، واستنزال البركات منه، ونصره لهم على الأعداء، ونحو ذلك؛ فصاروا مسيئين إلى أنفسهم، وإلى الميت، ولو لم يكن إلا بحرمانه بركة ما شرعه تعالى من الدعاء له والترحم عليه والاستغفار له) انتهى.
وبهذا يتضح أن تقديم النذور والقرابين للمزارات شرك أكبر؛ سببه مخالفة هَدْي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحالة التي يجب أن تكون عليها القبور من عدم البناء عليها وإقامة المساجد عليها؛ لأنها لما بنيت عليها القباب،