فليست الآية خاصة بالنصارى، بل تتناول كل من فعل مثل فعلهم، فمن خالف ما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل الله، أو طلب ذلك اتباعًا لما يهواه ويريده؛ فقد خلع ربقة الإسلام والإيمان من عنقه، وإن زَعمَ أنه مؤمن؛ فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك، وأكذبهم في زعمهم الإيمان؛ فقال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}[النساء: ٦٠] لما في ضمن قوله: (يزعمون) من نفي إيمانهم، فإنَّ (يزعمون) إنما يقال غالبًا لمن ادعى دعوى هو فيها كاذب، لمخالفته لموجبها، وعمله بما ينافيها؛ يحقق هذا قوله:{وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} ؛ لأن الكُفر بالطاغوت ركن التوحيد، كما في آية البقرة فإذا لم يَحصُلْ هذا الركن؛ لم يكن مُوحِّدًا، والتوحيدُ هو أساس الإيمان الذي تصلح به جميع الأعمال، وتفسد بعدمه، كما أن ذلك بيِّنٌ في قوله:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}