للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها كقضية علمية وحقيقية مقررة، وواقع لا مفرَّ منه، وأصبحت شعوبه تندفع اندفاعًا غريبًا إلى إحياء هذه العصبيات التي أماتها الإسلام، والتغني بها وإحياء شعائرها، والافتخار بعهدها الذي تقدم على الإسلام، وهو الذي يُلحُّ الإسلام على تسميته بالجاهلية، وقد مَنَّ الله على المسلمين بالخروج عنها، وحثهم على شكر هذه النعمة.

والطبيعي من المؤمن أن لا يذكر جاهليةً - تقادمَ عهدُها أو قارب - إلا بمقت وكراهية وامتعاض واقشعرار، وهل يذكر السجين المعذب الذي يطلق سراحه أيام اعتقاله وتعذيبه وامتهانه؛ إلا وَعرتهُ قشعريرة؟ وهل يذكُرُ البريء من عِلَّة شديدة طويلة أشرَفَ منها على الموت أيامَ سُقمه، إلا وانكسف بالُهُ وانتقع لونه؟ والواجبُ أن يُعلمَ أنَّ هذه الحزبيات عذاب بعثه الله على من أعرض عن شرعه، وتنكر لدينه، كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: ٦٥] .

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم» .

إنَّ التعصب للحزبيات يسبب رفض الحق الذي مع الآخرين، كحال اليهود الذين قال الله فيهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: ٩١] .

<<  <   >  >>