وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره بإنكار الرب فرعون، وقد كان مستيقنًا به في الباطن كما قال له موسى:{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ}[الإسراء: ١٠٢] .
وقال عنه وعن قومه:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل: ١٤] .
وكذلك من يُنكرُ الربَّ اليومَ من الشيوعيين؛ إنما ينكرونه في الظاهر مكابرة؛ وإلا فهم في الباطن لا بد أن يعترفوا أنه ما من موجود إلا وله موجد، وما من مخلوق إلا وله خالق وما من أثر إلا وله مؤثر، قال تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ}[الطور: ٣٥- ٣٦] .
تأمل العالم كله، علويه وسفليه، بجميع أجزائه؛ تجده شاهدًا بإثبات صانعه وفاطره ومليكه. فإنكار صانعه وجحده في العقول والفطر بمنزلة إنكار العلم وجحده، لا فرق بينهما وما تتبجح به الشيوعية اليوم من إنكار وجود الرب؛ إنما هو من باب المكابرة، ومصادرة نتائج العقول والأفكار الصحيحة، ومن كان بهذه المثابة فقد ألغى عقله ودعا الناس للسخرية منه.