فأخبر سبحانه أن الحكمة من خلق الجن والإنس: هي قيامهم بعبادة الله، والله غنيٌّ عن عبادتهم، وإنما هم المحتاجون إليها لفقرهم إلى الله تعالى، فيعبدونه على وفق شريعته، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر. ومن عبده وعبد معه غيره فهو مشرك. ومن عبده وحده بغير ما شرع فهو مبتدع. ومن عبده وحده بما شرع فهو المؤمن الموحِّد.
٢ -
أنواع العبادة وشمولها:
العبادة لها أنواع كثيرة؛ فهي تشمل كل أنواع الطاعات الظاهرة على اللسان والجوارح، والصادرة عن القلب؛ كالذكر والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن، والصلاة والزكاة والصيام، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين وابن السبيل، وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، فهي شاملة لكل تصرفات المؤمن؛ إذا نوى بها القربة أو ما يعين عليها. حتى العادات، إذا قصد بها التقوِّي على الطاعات، كالنوم والأكل والشرب، والبيع والشراء، وطلب الرزق والنكاح، فإن هذه العادات مع النية الصالحة تصيرُ عبادات؛ يثاب عليها، وليست العبادة قاصرة على الشعائر المعروفة.