للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه بالذات، واليد بالنعمة.

ب - وإما تفويض معاني هذه النصوص إلى الله، فيقولون: الله أعلم بمراده منها؛ مع اعتقادهم أنها ليست على ظاهرها.

وأول من عُرفَ عنه إنكار الأسماء والصفات: بعضُ مشركي العرب، الذين أنزل الله فيهم قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد: ٣٠] .

وسببُ نزول هذه الآية: أنَّ قريشًا لما سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الرحمن؛ أنكروا ذلك، فأنزل الله فيهم: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} . وذكر ابن جرير أن ذلك كان في صلح الحديبية؛ حين كتب الكاتبُ في قضية الصلح الذي جرى بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " بسم الله الرحمن الرحيم" فقالت قريش: أما الرحمن فلا نَعرفهُ.

وروى ابنُ جرير أيضًا عن ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ساجدًا يقول: " «يا رحمن يا رحيم» " فقال المشركون: هذا يَزعمُ أنه يدعو واحدًا، وهو يدعو مثنى. فأنزل الله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠] .

وقال تعالى في سورة الفرقان: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٦٠] .

فهؤلاء المشركون هُم سلف الجهمية، والمعتزلة والأشاعرة، وكل

<<  <   >  >>