الوجه الثالث: أنَّ الذي ليس له صفات كمال لا يصلح أن يكون إلهًا؛ ولهذا قال إبراهيم لأبيه:{لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ}[مريم: ٤٢] .
وقال تعالى في الرد على الذين عبدوا العجل:{أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا}[الأعراف: ١٤٨] .
الوجه الرابع: أنَّ إثباتَ الصفات كمالٌ، ونفيها نقص، فالذي ليس له صفات إما معدومٌ وإما ناقص، والله تعالى مُنزّه عن ذلك.
الوجه الخامس: أنَّ تأويلَ الصّفاتِ عن ظاهرها لا دليلَ عليه، فهو باطلٌ، وتفويض معناها يلزم منه أن الله خاطبنا في القرآن بما لا نفهم معناه، وأمرنا بتدبر القرآن كله، فكيفَ يأمرنا بتدبر ما لا يُفهم معناه؟
فتبين من هذا أنه لا بد من إثبات أسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله، مع نفي مشابهة المخلوقين، كما قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١] .
فنفى عن نفسه مُماثلة الأشياء، وأثبت له السمع والبصر، فدل على أن إثبات الصفات لا يلزم منه التشبيه، وعلى وجوب إثبات الصفات مع نفي المشابهة، وهذا معنى قول أهل السنة والجماعة في النفي والإثبات في الأسماء والصفات: إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل.