ويستدل على تحريم الطائفة الثالثة بقول الله تعالى:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} . عطفا على قول تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} .
فقد أثبت النص حرمة زواج الأم، وأثبت حرمة زواج الجدات بدلالة النص أو القياس الجلي، أو دلالة الأولى على حسب تسمية علماء الأصول لذلك النوع من الدلالة، وقد انعقد الإجماع على تحريم كل أصوله الزوجة سواء أدخل بالزوجة أم لم يدخل للإطلاق، وعدم التقييد بحال الدخول، كما قيد التحريم في قوله تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} .
وهذا رأي الجمهور من الفقهاء:
وهناك رأي آخر روي عن زيد بن ثابت وهو أنه إن حصل فراق البنت عن طلاق قبل الدخول تحل له الأم، وإن كان الفراق بسبب الوفاة فلا تحل؛ لأن الفرق بالموت، كالفراق بعد الدخول يثبت المهر كاملا فكان مثبتا للتحريم كما أثبت المهر.
وحجته في ذلك هي أن الله تعالى قال:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} .
وقد جاء القيد الأخير بعد الأمرين، فكان التحريم في الطائفتين مقيدا بالدخول.
وعلى ذلك يكن شرط الدخول ثابتا في تحريم الأمهات، كما هو ثابت في تحريم البنات.
واستدل الجمهور بظاهر الآية؛ لأن الوصف كان للحال الأخيرة دون سابقتها، فكانت الأولى على إطلاقها، وكان التحريم في الثانية مقيدا بحال الدخول، والأصل في الألفاظ أن تجري في ظاهرها.
واعتبار القيد للاثنين تخريج للكلام على غير ظاهره، ولا يخرج الكلام على غير الظاهر إلا لداع إليه، كعدم استقامة المعنى على الظاهر، والمعنى على الظاهر مستقيم لا يحتاج إلى تخريج.