ووجه الدلالة: هو أن الله تعالى أمر بشاهدين في الرجعة وهي أخف حالا من النكاح فكان ذلك في النكاح أولى.
ولأن الفرج لا يسوغ فيها البذل والإباحة ومن ثم فإنها لا تستباح بشهادة النساء.
الشرط الثالث: إن يكونا عدلين ولو ظاهرًا.
لقوله -صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل".
والعدالة التي تقيل معها الشهادة هي ملكة في النفس تمنعها من ارتكاب الذنوب، فلو كانا فاسقين فلا ينعقد النكاح بشهادتهما؛ لأن النكاح لا ينعقد بولاية الفاسق، ومن ثم فلا ينعقد بشهادته فلو عرفا بها ظاهر لا باطنا انعقد النكاح بشهادتهما؛ لأن الظاهر من المسلمين العدالة، ولأن النكاح يجري بين أوساط الناس وعوامهم فلو اعتبر في الشاهدين العدالة الباطنة لاحتاج الناس إلى معرفتها ليحضروا من يتصف بها فيطول بهم الأمر ويشق عليهم ذلك.
فلو ظهر فسق الشاهدين عند إنشاء العقد فالعقد باطل على المذهب لفوات العدالة كما لو ظهرا كافرين.
ويظهر فسق الشاهد بالبينة، أو باتفاق الزوجين، أو بعلم نفسه، ولو أقر الزوجان أن النكاح عقد بشهادة عدلين حكم عليهما بصحة النكاح بإقرارهما، ثم ادعيا أنه عقد بشهادة فاسقين لم يعتد قولهما.
ولا أثر لقولهما كنا عند العقد فاسقين؛ لأن الحق ليس لهما فلا يقبل قولهما على الزوجين.
ولو اعترف الزوج بفسق الشاهدين وأنكرت الزوجة فرق بينهما مؤاخذة له بقوله، وتعتبر فرقة فسخ على الصحيح في المذهب، فلا تنقص عدد الطلاق، لأنه لم ينشئ طلاقا ولم يقر به، وقيل: هي طلقة بائنة تنقصه، وفي تلك الحالة سواء قلنا إنها فرقة فسخ أم فرقة طلاق فعليه نصف المهر المسمى إن لم يدخل وكله إن