ولا ولاية للابن على أمه وليس له أن يزوجها بالبنوة؛ لأنه يرى نكاحها عارًا، بمعنى أنه يمنع نكاحها ويراه عارا فهو لا يطلب الحظ لها في نكاح كفئها، فلذلك خرج الابن عن معنى الأولياء.
وما روي من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما خطب أم سلمة، قالت: يا رسول الله ما لي ولي حاضر، فقال:"ما لك ولي حاضر ولا غائب لا يرضاني"، ثم قال لابنها عمر بن أبي سلمة:"قم يا غلام فزوج أمك".
فهذا الحديث لا يفيد ولاية الابن في تزويج أمه لوجوه ثلاثة:
أحدها: أن ابنها زوجها بالعصوبة لا بالبنوة؛ لأنه كان أقرب عصبتها الحاضرين، فهو عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فكان من بني عمها يجتمعان في عبد الله بن عمر بن مخزوم.
الثاني: أن قوله -صلى الله عليه وسلم:"قم فزوج أمك" أي جئني بمن يزوج أمك؛ لأنها لم يكن لها ولي، ولأن عمر ابنها كان غير بالغ قيل: إنه كان ابن ست سنين وقيل: ابن سبع سنين، فدل ذلك على أن أمره بالتزويج إنما كان أمرًا بإحضار من يتولى التزويج.
الثالث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من خصوصياته أنه يتزوج بدون ولي، فأمر ابنها بذلك.
هذا بالإضافة إلى أن راوي هذا الحديث إنما هو ثابت عن عمر بن أبي سلمة، وثابت لم يلق عمر فكان منقطعا.
فإذا ما تقرر أن الابن لا يزوج أمه بالبنوة فله تزويجها بواحد من أسباب ثلاثة:
١- أن يكون عصبة لها من النسب بأن يكون ابن ابن عمها، وليس لها من هو أقرب منه.
٢- أن يكون الابن قاضيا وليس لها عصبة ما فيزوجها بولاية الحكم.