الخلاف في الرجعة يكون بين الزوج وزوجته، وهذا الخلاف لا ينحصر في مسائل معينة، فقد يكون الخلاف بينهما في أنه لا يملك عليها الرجعة بسبب كونها مطلقة قبل الدخول، ولا عدة لها عليها، ويدعي هو أن الطلاق حصل بعد الدخول الحقيقي فهو يملك مراجعتها.
ولكن الفقهاء ذكروا أن الخلاف بينهما إما أن يكون في أصل الرجعة، بأن يدعي الزوج أنه راجع زوجته، وتنكر الزوجة حصول الرجعة، وإما أن يكون في صحة الرجعة لاختلافهما في وجود شرط الرجعة، وذلك بأن يدعي أنه راجع زوجته في أثناء العدة فرجعته صحيحة وتدعي الزوجة أنه راجعها بعد انقضاء عدتها فرجعته غير صحيحة مثلا.
فإن كان الخلاف بينهما في أصل الرجعة، فإما أن تكون الزوجة في حال الاختلاف لا تزال في عدتها، وإما أن تكون قد انقضت عدتها.
فإن اختلفا في أصل الرجعة والمرأة لا تزال في عدتها فالقول قول الزوج لأنه يخبر عن حصول شيء لا يزال يملك حق إنشائه رضيت الزوجة أم لم ترض، فلا معنى لتكذيبه فيه، أفلا ترى أنا لو كذبناه لكان بصدد أن يقول: وعلى فرض أني كاذب فقد راجعتها الآن فلا نملك أن نرد حقه حينئذ في ذلك، وإن كان اختلافهما في أصل الرجعة بعد انقضاء العدة فالبينة على الزوج الذي يدعي الرجعة، فإن جاء ببينة مقبولة تؤيد دعواه حكمنا له بها وإن عجز فالقول للزوجة بلا يمين.
وإن كان الخلاف بينهما في صحة الرجعة وذلك بأن يجيء الرجل بعد أن تنقضي عدتها فيدعي أنه قد راجعها وهي في العدة فرجعته صحيحة وتقول الزوجة: إنه راجعها حقيقة، وحينئذ إما أن تذكر الزوجة تاريخا لمراجعة الزوج إياها وإما ألا تذكر تاريخا.