لأن قوله قبلت إنما هو جواب للبذل الصريح وجواب الصريح يكون صريحا، ولأن البذل والقبول معتبر في النكاح كاعتباره في البيع.
الضرب الثاني: أن يعقداه بالطلب والإيجاب.
وهو أن يبدأ الزوج فيقول للولي: زوجني ابنتك على صداق ألف جنيه مثلا، فيقول الولي: قد زوجتكها على هذا الصداق، أو يقول: قد زوجكتها ويسكت ولا يذكر الصداق، ففي الصورتين ينعقد العقد أما إذا قال الولي: قد فعلت، أو قد أجبتك، ولا يقول: قد زوجتكها فلا ينعقد النكاح باتفاق في المذهب؛ لأن الولي هو المملك لبضع المنكوحة فكان الاعتبار الصريح في لفظه أساس في انعقاد العقد ولا ينعقد العقد بدونه.
أما إذا ابتدأ الولي فقال: زوجت بنتي على زواج ألف جنيه مثلا فقال الزوج: قد تزوجتها على هذا الصداق لم يصح العقد إلا إذا عاد الولي فيقول: قد زوجتكها.
ذلك لأن قول الولي في الابتداء: زوجت بنتي ليس ببذل منه ولا إجابة، وإنما هو استخبار، والنكاح لا ينعقد من جهة الولي إلا بالبذل إن كان مبتدأ أو بالإيجاب إن كان مجيبا، فإذا كان كذلك صار ما ابتدأ به الولي استخبارا غير مؤثر في العقد، ويكون جواب الزوج طلبا فكان واجبا على الولي أن يعود فيقول: قد زوجتكها، فعندئذ يصير النكاح منعقد بالطلب من الزوج وبالإيجاب من الولي.
وهكذا لو ابتدأ الزوج فقال للولي: زوجتني ابنتك، فقال الولي: قد زوجكتها لم ينعقد العقد؛ لأن ما ابتدأ به الزوج استخبار، والعقد لا يتم من قبل الزوج إلا بالطلب إن كان مبتدأ أو بالقبول إن كان مجيبا وليس استخباره طلبا ولا قبول، فإن عاد الزوج بعد قول الولي: قد زوجتها، وقال -أي الزوج- قد قبلت تزويجها صح العقد حينئذ بالبذل من الولي، وبالقبول من الزوج.