وفي بيروت لم يغير عاداته. ففي المدينة من المغريات ما لا يوجد مثلها في كل بلاد العرب. كثر ترداده على ملهى معروف. ولا عجب فقد تعرف هناك إلى غانية جميلة شابة تجيد الرقص فأحبها حبًّا جمًّا، أما هي فقد وجدت فيه الصيد الثمين. جعل يصرف عليها بسخاء جنوني حتى بلغ ما صرفه في سبيلها في مهلة ثلاثة أشهر ما يقرب من المائة ألف ليرة. وهذا المبلغ كان في ذلك الزمان يعتبر ثروة وعنوانًا للغنى الكبير.
كانت الراقصة عند اجتماعها به لا ترى في شخصه الكريم سوى أنه الصندوق الحديدي الذي يحوي المال، وأن هذا الصندوق هو تحت تصرفها تغرف منه ما تشاء لإرواء نزواتها، ثم إنه كريم لا يرد لها طلبًا. ومع هذا كله كانت تسيء معاملته وتحتقره علنًا أمام الناس وتهينه أحيانًا وتسميه:"الشيخ المتصابي"، فيبلع الإهانة بصبر؛ لأن حبه لها أعمى بصيرته ولم يعد يرى في الحياة سواها.
هذه الراقصة كانت على علاقة حميمة بمحام ناشئ أحبته بكل جوارحها، وصارت تضحي بكل شيء لإرضائه. وبما أنه فقير الحال لا يملك سوى شباب غض، فقد كانت تأخذ من الغني الثقيل وتعطي الحبيب العزيز على القلب..
وقد وصل الانحلال والضياع بالعاشق العجوز حدًّا جعله يسكت عندما قذفته الراقصة المحترفة بحذائها؛ بل الأدهى من ذلك أنه عندما يراها بحالة عصبية كان يمسك حذاءها ويعطيه لها ويقول لها: اضربيني. فشي خلقك.
- أما جسم التحقيق الصحفي عن هذه الجريمة، فقد ضمنه المحرر التطور الدرامي لأحداث الجريمة حتى وصل بالأحداث إلى نقطة العقدة التي استعد ليقدم نهايتها في الخاتمة أو النهاية، فالمحرر يعتمد في سرده لتفاصيل