بيد أننا لا نستطيع في الوقت ذاته أن نعفي المستهلكين أنفسهم من جانب كبير من المسئولية عن تفشي هذه الظاهرة التي تمس حياة كل فرد منا، فإن موقف اللامبالاة الذي يقفه أغلبنا تجاهها، هو المشجع الأكبر على فتح شهية الجشع الذي لا يرتوي، والذي نرى آثاره في ذلك الارتفاع الحلزوني الذي لا يجد رادعًا يوقفه.
ولست أدعو المواطنين إلى التصدي فرادى للباعة والتجار الجشعين، فإني أعلم جيدًا ما يمكن أن يصيبهم من أذى وعدوان في تلك الحالة، وهو ما يحول دون الإقدام على أي مواجهة مع هؤلاء التجار، وخاصة إذا كان الزبون واهن القوى أو سيدة حريصة على كرامتها.. ومن ثم فإن أسلم الطرق وأكثرها فاعلية في هذا المجال، هو تضافر جمهور المستهلكين في كل حي أو جزء من حي لتكوين جماعة تدافع عن حقوقهم ومصالحهم، وتتصدى بصورة إيجابية لكل محاولة جشعة لاستغلال جماهير المواطنين دون مبرر.
مثل هذه الجمعيات التي تدافع عن المستهلكين موجود في دول عديدة متقدمة، لم يفلت فيها زمام الأسعار بالصورة التي نشهدها اليوم في مختلف مدننا الكبرى والصغرى على السواء.. وكثير من هذه الجمعيات يضم ربات البيوت باعتبارهن أول من يكتوى بموجة الغلاء وارتفاع الأسعار.
ومنعًا لحدوث أي احتكاك مباشر بين جمعيات المستهلكين والتجار، فإن من الأفضل أن تكون مهمة هذه الجمعيات ومندوبيها في البداية مجرد المراقبة ولفت النظر في هدوء