العون الغربي اقتصاديًّا وتكنولوجيًّا وتجاريًّا، وتصاعد نفقات التسلح، وبالتالي أيضًا سينعكس هذا كله على الأحوال المعيشية الداخلية لروسيا نفسها، بعد أن قطعت منذ خروشوف مسافة طويلة في طريق "الانفتاح".
وأمريكا أيضًا لا تريد اضطرابًا مثل هذا يجعل الروس يقدمون على حل عسكري؛ ذلك أن أمريكا تعرف أنها ستقف أمامه مكتوفة اليدين؛ فيكون ذلك هزيمة أخرى لأمريكا، ويكون ضربة قاضية لآمال كارتر في إعادة انتخابه.
ودول غرب أوربا لا تريد أن ترى حلًّا عسكريًّا سوفيتيًّا في بولندا؛ ذلك أن أوربا هي أكثر من يتحمل آثار عودة جو الحرب الباردة، ولأن روسيا والمعسكر الشرقي عامة صار أهم سوق اقتصادي وتجاري لغرب أوربا. ولو تأثر ذلك لتدهور مستوى الإنتاج والتصدير والمعيشة في غرب أوربا إلى حد هائل.
هكذا، نحن في عالم تراجعت فيه حرب المذاهب العقائدية، وتقدمت فيه اعتبارات المصالح المادية، فإذا قام في وسط هذا كله شعب صغير يتمرد ويهدد رخاء الآخرين، فإن كل الآخرين يطالبونه بالسكوت والاحتمال، فمصالحه لا يجوز أن تفسد مصالح من هم أقوى وأكبر وأهم.
أما الفقرة الثانية من جسم المقال الافتتاحي، فقد حشدها الكاتب بكمية من المعلومات الخلفية التاريخية عن الموقع الجغرافي لبولندا، وتأثير هذا الموقع على وضعها السياسي: