للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان هذا حظ بولندا بالذات، فوجودها بين روسيا وألمانيا عبر التاريخ جعلها أكثر شعب تتعرض خريطته للتغير.. وأحيانًا للمحو التام من على خريطة أوربا.. وجعله بالتالي -كرد فعل- شعبًا شديد الوطنية إلى حد الرومانتيكية، ينتج "شوبان" وأمثاله عبر تاريخه الطويل في الاستشهاد.

فمنذ ٤١ سنة -باليوم- قامت الحرب العالمية الثانية؛ بسبب مدينة "دانزنغ" التي هي نفسها مدينة "غدانسك" مركز التمرد الحالي، لا لأن "دانزنغ" -أو غدانسك- بالغة الأهمية في حد ذاتها؛ ولكن لأنها بمثابة "بيضة القبان" في ميزان التوازن العالمي.. ليس مسموحًا لها أن تميل قيد أنملة عن مكانها المحدد لها!

هكذا رأينا العالم كله يناشد عمال بولندا "التعقل" و"عدم المبالغة" والاكتفاء بما حدث.

ذكرني هذا بالفصل التاريخي الشهير الذي كتبه "سيتفان زفايغ" بعنوان "أمة تتآمر على شرف امرأة"، روى فيه قصة الكونتيسة البولندية الحسناء "ماري فاليسكا" التي رآها نابليون في حفلة وهو في طريقه إلى غزو روسيا. وكان كل نبلاء بولندا يحاولون انتزاع وعد من نابليون بمنح بولندا استقلالها في حالة انتصاره.. وفهموا أن نابليون قد جُن غرامًا بالكونتيسة الحسناء، وأنه يريدها وأنها امتنعت عليه ... وتوالى النبلاء والأمراء عليها يقنعونها بأن تسلم نفسها لنابليون.. وأن تضحي من أجل بولندا.. حتى رضيت بذلك وهي دامية العينين.

<<  <   >  >>