الفاسدة؛ إنما عن استيراد الأسلحة، وذكر في كلامه أن الأسلحة كلها خردة، وبدا واضحًا من حديثه أن يتهم "فاروق" نفسه بأنه مشترك في هذه العملية.
وبعد أن استمعت إلى حديثه خرجت من الجلسة وأنا أغلي، ورحت أفكر في الموضوع وأقلبه من كافة زواياه، ثم كتبت مقالًا.. مقال ليس تحقيق.. مقال عنيف جدًّا.. أيدت فيه مصطفى مرعي، وعرضت القضية، لقد وجدت أخيرًا ما يخفف عني ألم الهزيمة المرة التي عانينا منها في سنة ١٩٤٨"١.
وهكذا بدأت حملة الأسلحة الفاسدة في مجلة روزاليوسف بالمقال التالي:
مَن هو الضابط الذي يملك قصرًا في جزيرة كابري؟
وزير الدفاع يوجه اتهامًا إلى جميع أسلحة الجيش.
الصحف المصرية تترافع عن المليونير المتهم..
كان استجواب الأستاذ مصطفى مرعي بك عن أسباب استقالة رئيس ديوان المحاسبة السابق شهادة مجد وفَخَار لضباط وجنود الجيش المصري، فقد أثبت المستجوب أن هؤلاء الضباط والجنود لم تهزمهم جرأة العدو وحنكته؛ إنما هزمتهم جرأة موردي السلاح والذخيرة الذين تعاملت معهم وزارة الدفاع الوطني.
إنها شهادة يعتز بها كل ضابط وكل جندي، وتعتز بها كل أرملة شهيد، وكل يتيم مات أبوه في ساحة فلسطين، وكل ثكلى مات ولدها في سبيل العروبة.. فهؤلاء الذين ماتوا كانوا في حياتهم أقوى من قنابل اليهود؛ ولكنهم كانوا أضعف من القنابل التي وصفها مصطفى مرعي بك بأنها تنطلق إلى الوراء، وأنها تصيب من يطلقها، وكانوا أضعف من الرصاص "الخردة" الذي تنقطع أنفاسه في منتصف الطريق، فيخر صريعًا على الأرض قبل أن يصل إلى هدفه من صدور العدو.
وأذكر أنني سألت المرحوم القائمقام أحمد عبد العزيز قائد الكوماندوس في حرب فلسطين عن اليوم الذي لا ينساه من أيام القتال، فأجابني والدموع
١ المستقبل - باريس - ٢٩ يونيو سنة ١٩٨١ "مذكرات إحسان عبد القدوس.. يكتبها: جمال الغيطاني".