تلمع في عينيه:"إني لا أستطيع أن أنسى يوم كان الباشجاويش يطلق مدفعه على مواقع العدو، وقد وقف من حوله "طاقم" المدفع من الجنود.. فإذا بإحدى القنابل تنفجر إلى الوراء فتحطم المدفع، وتقتل الباشجاويش وجميع رجاله، فيخروا صرعى فوق حطام المدفع وابتسامة الاستشهاد تضيء وجوههم".
وقد سبق أن أشرت أكثر من مرة إلى أن حديث صفقات الأسلحة التي عقدت في إيطاليا لم يعد سرًّا، وأنه حديث تستطيع أن تسمعه في كل شارع من شوارع روما ونابلي وميلانو، وأشرت إلى أن هناك مندوبًا خاصًّا لا يزال يقيم في روما -وأكتفي بأن أقول أن اسمه "أمين"- يستطيع أن يتحدث طويلًا عن هذه الصفقات التي كان اليهود أنفسهم يحاولون بيعها إلى الجيش المصري ليحاربهم بها!! وأشرت إلى أن هذا المندوب الخاص قاسى الأمرين، وهو يحاول أن يؤدي واجبه بصدق وأمانة.. ولم يقاسِ ما قاساه من عملاء دولة إسرائيل؛ بل من عملاء مصر الذين يشترون السلاح باسمها، والذين كانوا كل منهم يستر على الآخر، وكل منهم يدافع عن الآخر في الإثم.
وسبق أن صرخت على صفحات هذه المجلة، وعلى صفحات مجلات أخرى، مطالبًا بإجراء تحقيق سريع لننقذ سمعة مصر، والتي أصبح معروفًا في جميع أنحاء العالم أنها دولة مغفلة، وأصبحت إدارتها الحكومية شعارًا للرشوة وفساد الخلق والذمم.. وقلت: إني لا أستطيع أن أذكر أسماء؛ لأنه ليس لدي مستندات؛ ولكني أعرف أن أحد ضباط الجيش أصبح يمتلك قصرًا في جزيرة كابري -مصيف أصحاب الملايين- يدعو إليه كل عام شخصيات مصرية كبيرة للتمتع بالجمال والراحة والهدوء، على حساب شهداء فلسطين الذين قتلهم الرصاص المغشوش، وعلى حساب الشعب المصري الكريم الذي ابتزت أمواله باسم العروبة والشهامة.. ثم ناشدت معالي الوزير أن يدعو إليه هذا الضابط ويسأله:"من أين لك هذا؟ " وأن يراجع حسابات جميع الضباط والمتعهدين في البنوك المحلية والأجنبية، لعله -على الأقل- يجد مجالًا للشك!
إلى أن تولى مصطفى مرعي بك شرح استجوابه، فأخرج من تقرير رئيس ديوان المحاسبة السابق مستندات دامغة تثبت التلاعب الخطير الذي حدث في شراء هذه الصفقات، وثبت أنها كانت تتم مع علم رجال وزارة الدفاع بما فيها من تلاعب، ومع علمهم أنها أسلحة مغشوشة، ومع علمهم أن هذه الأسلحة المغشوشة ستوضع في يد جنود وضباط مصريين؛ ليحاربوا