للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا نظن ذلك؛ لأن واجب الوزير يقتضيه أن يصون لها احترامها.. وواجب المحامي يقتضيه ألا يرد تهمة السرقة عن موكله بتوجيه تهمة القتل إليه، وهذا الدفاع هو رد تهمة بتهمة أفظع منها.. تهمة تمس ضميره وخلق ووطنية أسلحة الجيش المختلفة، فلا يمكن أن يكون الوزير قد قصده؛ إنما هي غلطة يحسن بالوزير تصحيحها.

تولى معالي الأستاذ فؤاد سراج الدين باشا الدفاع باسم الحكومة، فبدأ كلامه في مجلس الشيوخ منشدًا معجبًا بسحر بيانه قائلًا: "لم نرَ في هذه القاعة استجوابًا انتحل فيه المتهم صفة المدعي، وصفق المطعون فيه للطاعن، وأحسن المضروب فيه لجلاده، كما وقع في هذا الاستجواب"..

ويريد معاليه أن يقول: إن الاتهامات التي وردت في الاستجواب وقعت كلها في عهد الحكومة السابقة، لا في عهد حكومة الوفد.. وهذا صحيح، إن المتهم هي الحكومات السابقة، والذي وجه الاتهام كان وزيرًا من وزراء هذه الحكومة، فهو يعترف بولايتهم.

لنقل هذا..

إذن لماذا تحمس معالي سراج الدين باشا كل هذا الحماس الذي كاد يفقده أعصابه في الدفاع عن الاتهامات التي وردت في تقرير رئيس الديوان؟!

هل كان يدافع عن السعديين والدستورييين، وعن وزراء السعديين والدستوريين، ومَن عاونهم في حكوماتهم؟! وما هذا الحب المفقود الذي تحرك فجأة في قلب سراج الدين باشا، ودفعه لأن يدافع عن فضائح وقعت في عهد حكومات غير وفديه؟

ولماذا لم يؤيد هذه الاتهامات حتى يدمغ حكم "الأقليات" بفضيحة لا تُمحى على مدى الدهر ما يدعوه إليه واجبه وتعصبه الحزبي؟!

إن هناك سرًّا..

وهو سر ليس في حاجة لأن يفصح عنه فؤاد باشا، لأنه سر مفضوح!!

وقد كان مجرد دفاع فؤاد باشا سراج الدين عن هذه الاتهامات -مع اعترافه بأن حكومته غير مسئولة عنها- كافية لإثباتها.. ولإثبات

<<  <   >  >>