للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإني مشفق على معاليه من همسات ضباطه وجنوده.. هل يريد معاليه أن أترجم له هذه الهمسات؟

ولكنها لم تعد همسات، فقد أصبحت صرخات لا بد أنها وصلت إلى أذني حيدر باشا، رغم أنه حرص في الأيام الأخيرة على أن يغلق على نفسه النوافذ والأبواب.. صرخات سجلها الضباط في منشورات يوزعونها على دور الصحف، وتصل بالبريد إلى آلاف الشخصيات، وسجلها ضباط إدارة المخابرات الحربية في تقاريرهم التي يرفعونها إلى رؤسائهم، والتي يطلع عليها حيدر باشا لو كان مواظبًا على الاطلاع.. وفي كل يوم أتلقى خطابات تحوي هذه الصرخات، ويطلب أصحابها نشرها موقعة بإمضائهم، وأصحابها هم من ضباط الجيش، وهم يذكرون مع أسمائهم رتبهم والوحدات التابعين لها.. وقد أبيت دائمًا أن أنشر هذه الخطابات منسوبة إلى أصحابها؛ لأني أحترم تقاليد الجيش التي تصون الحدود بين المرؤسين والرؤساء، والتي تقوم على هيبة القائد والاحترام الواجب له..

ورغم ذلك فقد ضاق صدر أحد الضباط، وهو اليوزباشي مصطفى كمال صدقي، حتى لم يعد يحتمل السكوت، ورغم إيمانه بتقاليد الجيش، فنشر باسمه الكامل مقالًا مطولًا في مجلة "الاشتراكية" قال فيه بالحرف الواحد: "والمطلوب الآن من حيدر باشا إيقاف زياراته غير المرغوب فيها للوحدات، والتي تأخذ شكلًا استفزازيًّا، قد ينتج عنه أضرار كثيرة!! ".

وقال كلامًا كثيرًا لا أستطيع أن أتحمل مسئولية نشره؛ لأني لا أعرف الظروف التي احتمى بها مصطفى كمال صدقي من القانون حتى أحتمي بها معه!!..

فماذا كان مصير هذا الضابط الصغير؟

لقد قدم إلى مجلس تحقيق في ٧ أكتوبر، وانعقد هذا المجلس في إدارة الإمدادات والتموين برياسة الأميرالاي عبد الحميد محمد، وأخذ في استجواب الضابط المتهم..

وهذا هو نص الأسئلة والأجوبة التي دارت في التحقيق:

س: لماذا لم تحاول الحصول على إذن بالنشر في الجرائد؟

ج: إن الدافع الذي دفعني للكتابة في الجرائد دون الحصول على إذن

<<  <   >  >>