أن يحيلوا الضابط المتهم إلى مجلس عسكري، كما يقضي بذلك القانون، ثم اكتفوا بأن منحوه إجازة مرضية يقضيها في بيته..
ماذا بقي للجيش بعد هذا؟!
ماذا بقي للجيش إذا كان ضابط صغير في رتبة يوزباشي يستطيع أن يتحدى القائد العام علنًا، ثم يتحداه مرة ثانية في تحقيق رسمي، ولا يستطيع القائد العام أن يرد تحديه إلا بأن يمنحه إجازة مرضية؟!
لماذا يخاف حيدر باشا من التحقيق مع هذا الضابط؟
وأي قوة في الأرض تستطيع أن تمنعه من محاكمته؟! إلا أن يكون سعادته -أي: حيدر باشا -يخشى أن يمنح هذا الضابط فرصة ليقول فيها أمام هيئة المحكمة أكثر مما قال.
وإذا كان هذا الكلام يستطيع الضباط اليوم أن يقولوه علنًا، فماذا يمكن أن يقولوه همسًا؟!
إن هذه الواقعة وحدها تكفي للتحقيق، لا مع الضابط الصغير؛ بل مع حيدر باشا نفسه، الذي ترك منصبه كقائد عام للقوات المسلحة يتعرض لمثل هذه الجرأة دون أن يحاول الدفاع عنه؛ بل يعمل على أن يصون شخصه قبل أن يصون كرامة المنصب!!
دخول فلسطين:
ولكن هذه الواقعة -للأسف- ليست هي كل الوقائع التي يجب أن يحقق فيها مع حيدر باشا، وكنت قد وعدت سعادته في مقالي الأول أن أجيب له على سؤال:"هل كان الجيش المصري مستعدًّا لدخول فلسطين؟ ". وفهم من هذا المقال أني أحمل حيدر باشا مسئولية دخول الجيش فلسطين بلا استعداد، وقد تطوعت بعض الزميلات بالإجابة على هذا السؤال قبل أن أجيب عليه، ونسب بعضها الخطأ إلى حيدر باشا بوصفه الوزير المسئول، ونسب البعض الآخر الخطأ إلى المغفور له النقراشي باشا بوصفه رئيس الوزارة التي تتحمل المسئولية العامة..